حقوق الأبناء على الآباء
كثيراً ما نسمع الحديث عن بر الوالدين وحقوق الآباء على أولادهم , لكن قلَّما نسمع من يتحدث عن حقوق الأبناء على آبائهم , مع أن للأبناء حقوق على آبائهم ليس فقط حال وجودهم بل قبل أن يولدوا بل حتى عند اختيار الزوجة .
و يقصد بحقوق الأبناء الحقوق التي شرعت، لكي يقدمها الوالدين على الأبناء من قبل أن يخلقوا في بطون أمهاتهم حتى يصلون إلى سن البلوغ ويصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم.
وفيما يلي نستعرض أهم حقوق للأبناء على آبائهم وهي على ما سبق ذكره أقسام :
القسم الأوَّل : حق الأبناء قبل أن يولدوا
أ- ولعلَّ هذا الحق هو أعظم الحقوق وهو أن يختار له الأم الصالحة ذات الأصل الطيب والخلق القويم والدين السليم .
فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ), وقال صلى الله عليه وسلم: ( تخيَّروا لنُطَفكم، وانكِحوا الأكْفاء، وأنكحوا إليهم ) .
ب – أن لا يأكل ولا يطعم زوجه إلَّا الحلال .
القسم الثاني : حق الأبناء بعد الولادة
– هذا النوع منه ما يكون بعد الولادة مباشرة وهو:
أ- أن يؤذن للمولود في الأذن اليمنى , ويقيم الصلاة في اليسرى .
ب- ويستحب أن يحنكه : وذلك بأن يمضغ قطعة صغيرة من التمر ثم إذا لانت أخذ قليلاً منها بإصبعه ووضعها في فم المولود .
ج- أن يعق عنه : العقيقة هي أي أن يذبح عنه في اليوم السابع ولا يأثم بتأخيرها والأفضل تقديمها وهي شاتان عن الذكر وشاة عن الانثى .
والعقيقة سنَّة عن رسول الله ، وقد قال ” الغلام مرتهن بعقيقته “ . وقد اختلف العلماء في معناه فقيل معناه أنه إذا لم يعق عنه ومات طفلاً منع من الشفاعة لأبويه ، وقيل معناه : أن العقيقة سبب لتخليص الولد من الشيطان وحمايته منه .
د – أن يسمه اسماَ حسناً ,
– ومن هذا النوع ما يكون ممتداّ حتى البلوغ أو طيلة حياته
أ – أن يعلمهم القرآن وأمور دينهم وأن يحسن تربيتهم : وقد جاء عن عبدالله بن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ألا كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيَّته؛ فالإمامُ الذي على الناس راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والرَّجلُ راعٍ على أهل بيته وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والمرأةُ راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولةٌ عنهم … )) .
وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟
قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (القرآن).
فقال الابن: يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك: أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً (جعراناً)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل، وقال له: أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
ب – الدُّعاء لهم، وتحرِّي ذلك في الأمكنة والأزمنة المبارَكة، وعدم الدعاء عليهم:
لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((لا تَدعوا على أنفُسكم، ولا تَدعوا على أولادِكم، ولا تَدعوا على أموالكم؛ لا توافِقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم))
ج – ومنه أيضاً أن لا يبخل عليهم وأن يساوي بينهم في العطية:
من حقوق الأولاد المساواة بينهم في العَطيَّة، فقد جاء عن النُّعمان بن بشيرٍ، قال: انطلَق بي أبي يَحملُني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، اشْهَد أنِّي قد نحلتُ النُّعمان كذا وكذا من مالي.
فقال: ( أكُلَّ بنيك قد نَحلتَ مثل ما نحلتَ النُّعمان؟ ).
قال: لا، قال: ( فأشهِد على هذا غيري )، ثُمَّ قال: ( أيسُرُّك أن يكونوا إليك في البرِّ سواءً؟ )، قال: بلى، قال: ( فلا إذًا )
د– النصح لهم وعونهم على حُسن الاختيار في الزَّواج، وعدم إجبارهم على الزَّواج بمعيَّن، أو بمعينة .
ه – تزويجه : وكان سعيد بن العاص يقول: “إذا علَّمتُ ولدي القرآن، وحجَّجتُه، وزوَّجتُه، فقد قضيتُ حقَّه، وبقي حقِّي عليه”.
و – النَّفقة عليهم إن كانوا فقراء .
جزاكم الله خيرا على هذا المقال النافع